سورة القصص - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


{فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل} قال عليه السلام: «قضى أوفاهما وتزوج صغراهما» وهذا بخلاف الرواية التي مرت {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} بامرأته نحو مصر. قال ابن عطاء: لما تم أجل المحنة ودنا أيام الزلفة وظهرت أنوار النبوة سار بأهله ليشتركوا معه في لطائف صنع ربه {ءَانَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إِنّى ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلِي ءَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ} عن الطريق لأنه قد ضل الطريق {أَوْ جَذْوَةٍ مّنَ النار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أتاها نُودِىَ مِن شَاطِئ الواد الأيمن} بالنسبة إلى موسى {فِى البقعة المباركة} بتكليم الله تعالى فيها {مِنَ الشجرة} العناب أو العوسج {أَن يا موسى} {أن} مفسرة أو مخففة من الثقيلة {إِنّى أَنَا الله رَبُّ العالمين} قال جعفر: أبصر ناراً دلته على الأنوار لأنه رأى النور في هيئة النار، فلما دنا منها شملته أنوار القدس وأحاطت به جلابيب الأنس فخوطب بألطف خطاب واستدعى منه أحسن جواب فصار بذلك مكلماً شريفاً أعطى ما سأل وأمن مما خاف، والجذوة باللغات الثلاث وقريء بهن، فعاصم بفتح الجيم، وحمزة وخلف بضمها، وغيرهم بكسرها. العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن، و{من} الأولى والثانية لابتداء الغاية أي أتاه النداء من شاطيء الوادي من قبل الشجرة. و{من الشجرة} بدل {من شاطئ الواد} بدل الاشتمال لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ أي الجانب.


{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} ونودي أن ألق عصاك فألقاها فقلبها الله ثعباناً {فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ} تتحرك {كَأَنَّهَا جَانٌّ} حية في سعيها وهي ثعبان في جثتها {ولى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ} يرجع فقيل له {ياموسى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمنين} أي أمنت من أن ينالك مكروه من الحية {اسلك} أدخل {يَدَكَ فِى جَيْبِكَ} جيب قميصك {تَخْرُجْ بَيْضَاء} لها شعاع كشعاع الشمس {مِنْ غَيْرِ سُوء} برص.
{واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرهب} حجازي بفتحتين وبصري. {الرَّهب} حفص {الرُّهب} غيرهم ومعنى الكل الخوف والمعنى: واضمم يدك إلى صدرك يذهب ما بك من فرق أي لأجل الحية. عن ابن عباس رضي الله عنهما: كل خائف إذا وضع يده على صدره زال خوفه. وقيل: معنى ضم الجناح أن الله تعالى لما قلب العصا حية فزع موسى واتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء فقيل له: إن اتقاءك بيدك غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح اليد لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه، أو أريد بضم جناحه إليه تجلده وضبطه نفسه عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران. ومعنى {من الرهب} من أجل الرهب أي إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك، جعل الرهب الذي كان يصيبه سبباً وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه. ومعنى {واضمم إليك جناحك} و{اسلك يدك في جيبك} على أحد التفسيرين واحد ولكن خولف بين العبارتين لاختلاف الغرضين إذ الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء، وفي الثاني إخفاء الرهب. ومعنى {واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ} [طه: 22] في (طه) أدخل يمناك تحت يسراك {فَذَانِكَ} مخففاً مثنى (ذاك) ومشدداً: مكي وأبو عمرو مثنى ذلك فإحدى النونين عوض من اللام المحذوفة والمراد اليد والعصا {برهانان} حجتان نيرتان بينتان وسميت الحجة برهاناً لإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء برهرهة {مِن رَّبّكَ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإيهِ} أي أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فاسقين} كافرين.


{قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} به بغير يا ء وبالياء: يعقوب {وَأَخِى هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنّى لِسَاناً فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ} حفص {رِدْءاً} حال أي عونا يقال ردأته أعنته، وبلا همز: مدني {يُصَدّقُنِى} عاصم وحمزة صفة أي ردأ مصدقاً لي، وغيرهما بالجزم جواب ل {أرسله} ومعنى تصديقه موسى إعانته إياه بزيادة البيان في مظان الجدال إن احتاج إليه ليثبت دعواه لا أن يقول له صدقت، ألا ترى إلى قوله {هو أفصح مني لساناً فأرسله} وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لتقرير البرهان لا لقوله صدقت فسحبان وباقل فيه يستويان {إِنّى أَخَافُ أَنْ يُكَذّبُونِ}. {يكذبوني} في الحالين: يعقوب {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} سنقويك به إذ اليد تشد بشدة العضد لأنه قوام اليد والجملة تقوى بشدة اليد على مزاولة الأمور {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سلطانا} غلبة وتسلطاً وهيبة في قلوب الأعداء {فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا باياتنا} الباء تعلق ب {يصلون} أي لا يصلون إليكما بسبب آياتنا وتم الكلام، أو ب {نجعل لكما سلطاناً} أي نسلطكما بآياتنا أو بمحذوف أي إذهبا بآياتنا، أو هو بيان ل {الغالبون} لا صلة، أو قسم جوابه {لا يصلون} مقدماً عليه {أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون}

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8